فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه، فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟ قال: نعم.
قال: وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
قال: لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا! فقال أبي: تصديق ذلك في أول سمرة الجمعة {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3] وفي سورة الحشر {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان} [الحشر: 10] وفي الأنفال {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} [الأنفال: 75].
وأخرج أبو الشيخ عن أبي أسامة ومحمد بن إبراهيم التميمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقرأ {والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان} فوقف عمر، فلما انصرف الرجل قال: من أقرأك هذه؟ قال: أقرأنيها أبي بن كعب.
قال: فانطلق إليه فانطلقا إليه فقال: يا أبا المنذر أخبرني هذا أنك أقرأته هذه الآية.
قال: صدق تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عمر: أنت تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقال في الثالثة وهو غضبان: نعم. والله لقد أنزلها الله على جبريل عليه السلام، وأنزلها جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ولم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه. فخرج عمر رافعًا يديه وهو يقول: الله أكبر الله أكبر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم في المعرفة عن أبي موسى. أنه سئل عن قوله: {والسابقون الأوّلون} قالوا: هم الذين صلوا القبلتين جميعًا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن سعيد بن المسيب في قوله: {والسابقون الأولون} قال: هم الذين صلوا القبلتين جميعًا.
وأخرج ابن المنذر وأبو نعيم عن الحسن ومحمد بن سيرين في قوله: {والسابقون الأولون} قال: هم الذين صلوا القبلتين جميعًا، وهم أهل بدر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {والسابقون الأوّلون من المهاجرين} قال: أبو بكر، وعمر، وعلي، وسلمان، وعمار بن ياسر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو الشيخ وأبو نعيم في المعرفة عن الشعبي في قوله: {والسابقون الأولون} قال: من أدرك بيعة الرضوان، وأول من بايع بيعة الرضوان سنان بن وهب الأسدي.
وأخرج ابن مردويه عن غيلان بن جرير قال: قلت لأنس بن مالك هذا الاسم الأنصار أنتم سميتموه أنفسكم أو الله تعالى سماكم من السماء؟ قال: الله تعالى سمانا من السماء.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن معاوية بن أبي سفيان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب الأنصار أحبه الله، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آية الإِيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار».
وأخرج أحمد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأزواج الأنصار ولذراري الأنصار الأنصار كرشي وعيبتي، ولو أن الناس أخذوا شعبًا وأخذت الأنصار شعبًا لأخذت شعب الأنصار، ولولا الهجرة كنت امرأ من الأنصار».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن الحارث بن زياد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب الأنصار أحبه الله حين يلقاه، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله حين يلقاه».
وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم. أنه قال: «اللهمَّ صل على الأنصار، وعلى ذرية الأنصار، وعلى ذرية ذرية الأنصار».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو سلك الناس واديًا وشعبًا وسلكتم واديًا وشعبًا لسلكت واديكم وشعبكم، أنتم شعار والناس دثار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ثم رفع يديه حتى اني لأرى بياض ابطيه فقال: اللهمَّ اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، ومن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إلا إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي، وإن كرشي الأنصار، فاعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم».
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الحي من الأنصار حبهم إيمان وبغضهم نفاق».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمَّ اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولنساء الأنصار، ولنساء أبناء الأنصار، ولنساء أبناء أبناء الأنصار».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر».
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن رفاعة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ اغفر للأنصار، ولذراري الأنصار، ولذراري ذراريهم، ولمواليهم، ولجيرانهم».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار، موالي الله ورسوله لا مولى لهم غيره».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر».
وأخرج الطبراني عن السائب بن يزيد رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الفيء الذي أفاء الله بحنين في أهل مكة من قريش وغيرهم، فغضبت الأنصار فأتاهم فقال: يا معشر الأنصار قد بلغني من حديثكم في هذه المغانم التي آثرت بها أناسًا أتالفهم على الإِسلام لعلهم أن يشهدوا بعد اليوم وقد أدخل الله قلوبهم الإِسلام، يا معشر الأنصار ألم يمن الله عليكم بالإِيمان وخصكم بالكرامة وسماكم بأحسن الأسماء أنصار الله وأنصار رسوله؟ ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وسلكتم واديًا لسلكت واديكم. أفلا ترضون أن يذهب الناس بهذه الغنائم والشاء والنعم والبعير وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: رضينا. فقال: أجيبوني فيما قلت.
قالوا: يا رسول الله وجدتنا في ظلمة فأخرجنا الله بك إلى النور، ووجدتنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله بك، ووجدتنا ضلالًا فهدانا الله بك. فرضينا بالله ربًا، وبالإِسلام دينًا، وبمحمد نبيًا. فقال: أما والله لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت صدقتم، لو قلت ألم تأتنا طريدًا فآويناك، ومكذبًا فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وقبلنا ما رد الناس عليك، لو قلتم هذا لصدقتم.
قالوا: بل لله ورسوله المن والفضل علينا وعلى غيرنا»
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: كان الناس على ثلاث منازل. المهاجرون الأولون، والذين اتبعوهم بإحسان، والذين جاؤوا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان.
فأحسن ما يكون أن يكون بهذه المنزلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما. أنه أتاه رجل فذكر بعض الصحابة فتنقصه، فقال ابن عباس {والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان}.
وأخرج عن ابن زيد في قوله: {والذين اتبعوهم بإحسان} قال: من بقي من أهل الإِسلام إلى أن تقوم الساعة.
وأخرج أبو الشيخ عن عصمة رضي الله عنه قال: سألت سفيان عن التابعين قال: هم الذين أدركوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركوا النبي صلى الله عليه وسلم، وسألته عن الذين اتبعوهم بإحسان قال: من يجيء بعدهم. قلت: إلى يوم القيامة؟ قال: أرجو.
وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن أبي صخر حميد بن زياد قال: قلت لمحمد بن كعب القرظي رضي الله عنه: أخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أريد الفتن؟ فقال: إن الله قد غفر لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم قلت له: وفي أي موضع أوجب الله لهم الجنة في كتابهم؟ قال: ألا تقرأ {والسابقون الأولون...} الآية. أوجب لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والرضوان، وشرط على التابعين شرطًا لم يشترطه فيهم قلت: وما اشترط عليهم؟ قال: اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان. يقول: يقتدون بهم في أعمالهم الحسنة ولا يقتدون بهم في غير ذلك.
قال أبو صخر: لكأني لم أقرأها قبل ذلك، وما عرفت تفسيرها حتى قرأها على محمد بن كعب.
وأخرج ابن مردويه من طريق الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثيِّر والقاسم ومكحول وعبدة بن أبي لبابة وحسان بن عطية. أنهم سمعوا جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لما أنزلت هذه الآية: {والسابقون الأولون} إلى قوله: {ورضوا عنه} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا لأمتي كلهم وليس بعد الرضا سخط». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ}
قوله تعالى: {والسابقون}: فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأ، وفي خبره ثلاثة أوجه:
أحدُهما وهو الظاهر أنه الجملة الدعائية من قوله: {رضي الله عنهم}.
والثاني: أن الخبر قوله: {الأوَّلون} والمعنى: والسابقون أي بالهجرة هم الأوَّلون مِنْ أهل هذه المِلَّة، أو السابقون إلى الجنة الأولون من أهل الهجرة.
الثالث: أن الخبرَ قولُه: {مِنَ المهاجرين والأنصار} والمعنى فيه الإِعلام بأن السَّابقين من هذه الأمة من المهاجرين والأنصار، ذكر ذلك أبو البقاء، وفي الوجهين الأخيرين تكلُّفٌ.
الثاني من وجهي {السابقين}: أن يكون نَسَقًا على {مَن يُؤْمِنُ بالله} أي: ومنهم السابقون. وفيه بُعْدٌ.
والجمهورُ على جَرِّ {الأنصار} نسقًا على المهاجرين. يعني أن السابقين من هذين الجنسين.
وقرأ جماعة كثيرة أَجِلاَّء: عمر بن الخطاب وقتادة والحسن وسلام وسعيد بن أبي سعيد وعيسى الكوفي وطلحة ويعقوب: {والأنصارُ} برفعها. وفيه وجهان:
أحدهما: أنه مبتدأ، وخبرُه {رضيَ الله عنهم}.
والثاني: عطف على {السابقون}. وقد تقدم ما فيه فيُحكم عليه بحكمه.
قوله: {بِإِحْسَانٍ} متعلقٌ بمحذوف؛ لأنه حالٌ من فاعل {اتَّبعوهم}. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن الواوَ ساقطةٌ من قوله: {والذين اتبعوهم} ويقول: إن الموصول صفةٌ لمن قبله، حتى قال له زيد بن ثابت إنها بالواو فقال: ائتوني بأُبَيّ. فأتَوه به فقال له: تصديق ذلك في كتاب الله في أول الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} [الآية: 3]، وأوسط الحشر: {والذين جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ} [الآية: 10]، وآخر الأنفال: {والذين آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ} [الآية: 75]. ورُوِي أنه سمع رجلًا يقرؤها بالواو فقال: مَنْ أقرأك؟ قال: أُبَيّ. فدعاه فقال: أَقْرَأنيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وإنك لتبيع القَرَظ بالبقيع.
قال: صَدَقْتَ وإن شئت قل: شهدنا وغِبْتم، ونَصَرْنا وخَذَلْتم، وآوَيْنا وطَرَدْتم. ومن ثَمَّ قال عمر: لقد كنتُ أرانا رُفِعْنا رَفْعةً لا يَبْلُغها أحدٌ بعدنا.
وقرأ ابن كثير: {تجري من تحتها} بـ {مِنْ} الجارة، وهي مرسومةٌ في مصاحف مكة. والباقون {تحتها} بدونها، ولم تُرْسَمْ في مصاحفهم، وأكثرُ ما جاء القرآن موافقًا لقراءة ابن كثير هنا: {تجري مِنْ تحتها} في غير موضع. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}
السابقون مختلفون؛ فَمِنْ سابقٍ بِصِدقِ قَدَمِه، ومِنْ سابقٍ بصدقِ هِمَمِه. ويقال السابقُ مَنْ ساعَدَتْه القسمةُ بالتوفيق، وأسعَدَتْه القضية بالتحقيق، فسبقت له من الله رحمتُه.
ويقال سبقهم بعنايته ثم سبقوا بطاعتهم له.
ويقال جَمَعَ الرِّضَاءُ صَفَّيْهِم: السابقَ منهم واللاحقَ بهم؛ قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ... رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.
ويقال ليس اللاحق كالسابق، فالسابقُ في روحِ الطلبِ، واللاحِقُ في مقاساتِ التعبِ، ومُعاناة النَّصَبِ، وأنشدوا:
السِّبَاق السِّبَاق قولًا وفعلًا ** حَذِّروا النَّفسَ حَسْرَةَ المسبوقِ

ويقال رِضَاهُم عن اللهِ قضيةُ رضاء الله عنهم؛ فلولا أنه رَضِيَ عنهم في آزالِه فمتى وصلوا إلى رضاهم عنه؟!. اهـ.